نصّ الفصل 69 من المرسوم عدد 115 لسنة 2011 المؤرّخ في 02 نوفمبر 2011 المتعلّق بحرية الصحافة والطباعة والنشر على أنّه »تتم اثارة التتبّعات في الجنح بواسطة الصحافة أو بأية وسيلة أخرى من وسائل الاعلام طبقا للأحكام التالية:
- أوّلا: في صورة الثلب المنصوص عليه بالفصل 57 لا يتمّ التتبّع إلاّ بشكاية من الشخص الموجّه إليه الثلب أو الشتم. على أنّه يمكن القيام بالتتبّع رأسا من طرف النيابة العمومية إذا كان الثلب أو الشتم موجّها إلى فئة من الأشخاص ممّن ينتمون إلى أصل أو عرق أو إلى دين معيّن وكانت الغاية منه التحريض على التباغض بين الأجناس أو الأديان أو السكان وذلك باستعمال الأعمال العدائية أو العنف أو نشر أفكار قائمة على التمييز العنصري طبقا لأحكام الفصل 52 من هذا المرسوم.
- ثانيا:في صورة الثلب أو الشتم الموجه ضدّ شاهد لا يتمّ التتبّع إلا بشكاية صادرة عن الشاهد الذي يدّعي أن الثلب أو الشتم موجّه ضدّه.
- ثالثا: في صورة الثلب أو الشتم الموجه ضدّ رؤساء الدول والحكومات الأجنبية ورؤساء البعثات الدبلوماسية فإن التتبع يتمّ بطلب من المعتدى عليه ويوجذه الطلب إلى وزارة الشؤون الخارجية التي تحيله على وزارة العدل للإذن بالتتبّع.
- ويتميّز الثلب عن الشتم بكون الجريمة الأولى تتضمّن وجوبا نسبة أمر أو فعل لشخص معيّن تمسّ من شرفه واعتباره في حين أن الجريمة الثانية وهي الشتم تشمل كل عبارة تنال من الكرامة ولا تشمل على نسبة أي شيئ معيّن للشخص الواقع سبّه.
- وتجدر الاشارة إلى أنّ كلتا الجرمتين تستلزم توفّر ركن العلانية وذلك بموجب الاحالة على الفصل 50 من نفس المرسوم.
- ونصّ الفصل 55 من المرسوم عدد 115 لسنة 2011 المؤرخ في 02 نوفمبر 2011 والمتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر أنّه » يعتبر ثلبا كلّ ادّعاء أو نسبة شيئ غير صحيح بصورة علنية من شأنه أن ينال من شرف أو اعتبار شخص معيّن بشرط أن يترتّب عن ذلك ضرر شخصي ومباشر للشخص المستهدف ».
- واعلان ذلك الادعاء أو تلك النسبة بصورة مباشرة أو بواسطة النقل يعاقب مرتكبه حتى ولو وقع ذلك في صيغة الاحتمال أو كان يقصد به شخص لم تقع تسميته بصورة صريحة على أن الاهتداء إليها تيسّره فحوى العبارات الواردة في الخطب أو النداءات أو التهديدات أو الكتابات أو المطبوعات أو المعلقات أو الرسوم أو الاعلانات أو المنشورات الالكترونية ».
- وقد تضمّن المرسوم عدد 115 محتوى بيانات الاستدعاء باعتبار أن الفصل 72 من المرسوم نصّ على انّه: »يجب أن يبيّن الاستدعاء أو التنبيه وصف الفعل المشتكى منه والنص القانوني الذي ينبني عليه القيام، وإذا وقع الاستدعاء من صاحب الشكاية ينبغي أن يحتوي على تعيين مقره بالمدينة المنتصبة بها المحكمة المرفوعة لديها الدعوى ويقع تبليغ ذلك لكل من المتهم والنيابة العمومية وإلا بطل التتتبّع ولا يقل الأجل بين تبليغ الاستدعاء والحضور لدى المحكمة عن عشرين يوما ».
- ويمكن القول في ضوء ما سبق بيانه أنّ دور النيابة العمومية في حقيقة الأمر جعله المشرع التونسي دورا ثانويا في دعوى الثلب أو الشتم مقارنة بدورها التقليديفي بقية جرائم الصحافة والطباعة والنشر والتي تنصهر في وظائفها العامة المنظمة بمجلة الاجراءات الجزائية باعتبار أنّه يقع استدعائها للحضور بالجلسة فحسب ولا تتولى البحث في الشكاية أو الاجتهاد في في مآلها باستثناء الصورة التي تتعهّد النيابة العمومية بالتتبذع رأسا المتمثّلة في الثلب أو الشتم الموجّه إلى فئة معيّنة من الأشخاص وذلك باستعمال الوسائل العدائية أو العنف أو نشر أفكار قائمة على التمييز العنصري.
- ويمكن القول أن طبيعة جريمة الثلب والشتم تفسّر اعتماد المشرّع لهذه الاجراءات الخاصة باعتبار وضوح نموذها التجريمي الذي تغني عن مباشرة الأبحاث بصورة تقليدية خاصّة وأن الامر يتعلّق ببمقال أو رسم منشور بوسيلة اعلامية، كما أن التتبّع يشمل شخصا محدّد بصفة مسبقة كما أن طريقة دحض التهمة حدّدها المشرّع مسبقا صلب الفصلين 73 و74 من المرسوم وقد اعتبرت المحكمة الابتدائية بمنوبة في حكمها عدد 1753/20 بتاريخ 14 ماي 2020أنّ « اجراءات اثبات الثلب من الاجراءات الأساسية التي ينجر عن عدم مراعاتها البطلان اعمالا لمقتضيات الفصل 199 من مجلة الاجراءات الجزائية اذ يستعمل المشرع في الفصلين 73 و74 من المرسوم عبارتي « عليه » و »يتعيّن » اللتين تفيدان الوجوب كما يرتب الفصل 74 صراحة جزاءسقوط الحق في الادلاء بالحجة في صورة عدم احترام الاجراءات والآجال »
- وقد تضمّن الفصل 76 من المرسوم عدد 115 شروطا خاصّة بانقضاء الدعوى العمومية في جرائم الصحافة والطباعة والنّشر.
- وقد تضمّن الفصل المشار إليه انّه « يسقط حقّ القيام بالدعوى العمومية والدعوى المدنية عن الجنح أو المخالفات المنصوص عليها بهذا المرسوم بمضي ستة أشهر كاملة من تاريخ وقوعها أو من يوم آخر عمل اجرائي من أعمال التتتبّع وهو ما يمثّل استثناء لآجال سقوط الدعوى العمومية الواردة بالفصل 05 من مجلة الاجراءات الجزائية.
- ويستخلص من الفصل 76 من المرسوم عدد 115 أن أجل السقوط في جرائم الصحافة والطباعة والنشر موحّد في خصوص الجنح والمخالفات لكن لم يحدّد أجل السقوط بالنسبة للجنايات كما أنّ أجل سريان أجل السقوط في الدعوى العمومية بالنسبة لجرائم الصحافة والطباعة والنشر يختلف عن احتساب سريان أجل السقوط المنصوص عليه صلب الفصل 05 من مجلة الاجراءات الجزائية.
- إذ إن بداية احتساب سريان اجل السقوط في جرائم الصحافة يكون من تاريخ وقوعها أو من يوم آخر عمل اجرائي من أعمال التتتبّع إلا أنّه لم ينصّ على أعمال التحقيق كسبب لقطع سريان مدّة السقوط، فقد اقتصر قطع مدّة سقوط الدعوى على أعمال التتبّع حيث ينصّ على أنّه يسقط حق القيام بالدعوى العمومية …من تاريخ وقوعها أو من آخر يوم عمل إجرائي من أعمال التتبّع » على عكس الفصل 05 من مجلة الاجراءات الجزائية الذي أقرّ أنّ مدّة سريان سقوط الدعوى العمومية يقطعها كل عمل تحقيق أو تتبّع ».وهو ما يؤكّد خصوصية انقضاء الدعوى العمومية في جرائم الصحافة والطباعة والنشر.