السراح الشرطي في القانون التونسي

يُعدّ السراح الشرطي آلية قانونية أقرّها المشرّع التونسي في إطار تنفيذ العقوبات السالبة للحرية، وتهدف إلى تمكين المحكوم عليه من مغادرة السجن قبل انقضاء كامل مدة العقوبة، شريطة احترام شروط قانونية محدّدة، ودون أن يُعدّ ذلك عفوًا أو إسقاطًا للعقوب بمقتضى الفصول 353 إلى 360 من مجلة الإجراءات الجزائية.

وقد نصّ الفصل 353 من مجلة الإجراءات الجزائية على أنه “يمكن أن يتمتع بالسراح الشرطي كل سجين محكوم عليه بعقوبة واحدة أو عدة عقوبات سالبة للحرية إذا برهن بسيرته داخل السجن عن ارتداعه أو إذا ما ظهر سراحه مفيدًا لصالح المجتمع”.

وتعرّض المشرّع التونسي في الفصل 354 إلى شروط المدة التي يجب أن يكون قد قضى منها المحكوم عليه قبل الانتفاع بالسراح الشرطي، وهي على النحو التالي:

  • لا يمكن منح السراح الشرطي إلا للمحكوم عليهم الذين قضوا جزءًا من العقاب أو من كامل العقوبات يساوي أو يفوق:

1-نصف مدة العقاب للمحكوم عليه أول مرة على أنّه ينبغي ألا تقل مدّة العقاب التي قضّاها المحكوم عليه عن ثلاثة أشهر.

  • وثلثي مدة العقاب أو العقوبات بالنسبة للمحكوم عليهم ذوي السوابق العدلية على أنّه ينبغي ألا تقل مدّة العقاب التي قضاها المحكوم عليه ستّة أشهر.

أماّ بالنسبة للمحكوم عليهم بقية العمر فإنّ مدّة الاختبار تكون خمسة عشر عاما.

مع الإشارة إلى ما ورد من استثناءات صلب الفصل 355 من نفس المجلة على الحالات التي يمكن فيها الإعفاء من بعض الشروط السابقة وهي:

  • إذا بلغ المحكوم عليه ستين عاما كاملة.
  • إذا لم يبلغ المحكوم عليه عشرين سنة كاملة في التاريخ نفسه.
  • إذا كان مصابا بسقوط خطير أو بمرض عضال.

ويقع منح قرار السراح الشرطي من قبل وزير العدل بناء على موافقة من لجنة السراح الشرطي بوزارة العدل وهنا تجدر الإشارة إلى أن المشرّع التونسي أسند كذلك صلاحية تمتيع المحكوم عليه بالسراح الشرطي إلى قاضي تنفيذ العقوبات بموجب الفصل 342 مكرّر من مجلة الإجراءات الجزائية في فقرته الثانية وما بعدها عندما أقرّ لهذا الأخير اقتراح تمتيع بعض المساجين بالسراح الشرطي وفق الشروط الواردة بالفصول 353 و354 و355 من مجلة الإجراءات الجزائية وذلك بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية  وذلك بالنسبة للمحكوم عليهم بالسجن لمدة لا تتجاوز ثمانية أشهر من أجل ارتكابه جنحة والذي تتوفّر فيه الشروط المنصوص عليها بالفصلين 353 و354 من مجلة الإجراءات الجزائية مع وجوب أن يكون:

  • المحكوم عليه لأول مرة قد أمضى نصف مدّة العقاب.
  • المحكوم عليه العائد قد أمضى ثلثي مدّة العقاب.

وينتج السراح الشرطي آثارًا قانونية هامة، أبرزها تعليق تنفيذ العقوبة، مع بقاء المحكوم عليه تحت المراقبة، وإمكانية سحب الامتياز عند الإخلال بالشروط حسب منطوق الفصل 359 من مجلة الإجراءات الجزائية “يُلغى السراح الشرطي إذا أخلّ المنتفع به بالشروط المفروضة عليه أو إذا حُكم عليه من أجل جريمة جديدة.” وفي هذه الصورة “يُلغى السراح الشرطي إذا أخلّ المنتفع به بالشروط المفروضة عليه أو إذا حُكم عليه من أجل جريمة جديدة.” حسب الفصل 360 من مجلة الإجراءات الجزائية.

إنّ السراح الشرطي في تونس يجسّد توجّهًا تشريعيًا متقدّمًا نحو أنسنة العقوبة وتحقيق غاياتها الإصلاحية. غير أنّ نجاعة هذا النظام تظلّ رهينة حسن تطبيق النصوص القانونية ودقّة تقييم سلوك المحكوم عليه وضمانات إدماجه، حتى لا يتحوّل إلى خطر على الأمن العام أو إجراء شكلي فاقد للمضمون.

الأستاذ حاتم الجلاصي

Abonnez-vous à notre newsletter