عرّف المشرع التونسي المعطيات الشخصية صلب الفصل 04 من قانون أساسي عدد 63 لسنة 2004 يتعلق بحماية المعطيات الشخصية على أنّها: » تعتبر معطيات شخصية على معنى هذا القانون كل البيانات مهما كان مصدرها أو شكلها والتي تجعل شخصا طبيعيا معرّفا أو قابل للتعريف بطريقة مباشرة أو غير مباشرة باستثناء المعلومات المتصلة بالحياة الخاصة أو المعتبرة كذلك ».
كما وقع تعريفها صلب الفصل 04 فقرة أولى من مشروع قانون أساسي متعلّق بقانون حماية المعطيات الشخصية في صيغته المعروضة من قبل الحكومة اثر مجلس الوزراء بتاريخ 08 مارس 2018 بكونها: »كل البيانات مهما كان مصدرها أو شكلها والتي تجعل شخصا طبيعيا معرّفا أو قابل للتعريف بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خلال العديد من المعلومات أو الرموز لا سيما من خلال عنصر محدّد للهوية مثل اللقب أو رقم التعريف أو الوضعية العائلية أو بيانات محدّدة للمكان أو معرف على الانترنات أو أي عناصر أخرى خاصة بالشخص ومتعلّقة بسماته الجسمانية أو الجينية أو النفسية أو بسلوكياته الاقتصادية أو الثقافية أو الاقتصادية أو الاجتماعية ».
وتصنف المعطيات الشخصية بكونها معطيات عادية وهي المرتبطة بخصوصيات الشخص وخاصياته ومميزاته ومعطيات حساسة تتعلق بالأصول العرقية أو الجينية أو المعتقدات الدينية أو الأفكار السياسية أو الفلسفية أو النقابية أو التي لها علاقة بالصحة ولها اجراءات خاصة من أجل معالجتها.
ونظرا لما تتميّز به شبكات التواصل الاجتماعي التي عرفت تطوّرا كبيرا في الفترة الأخيرة مما جعل التونسي يسعى إلى تطوير حماية المعطيات الشخصية من خلال اصدار قانون 2004 بضبط شروط المعالجة واجراءاتها وآليات حماية تلك المعطيات من مخاطر كذلك معالجة.
وتجدر الاشارة إلى أنّ الآراء الفقهية قد اختلفت حول مدى حماية المعطيات الشخصية فهناك من يعتبر أنّه لا يمكن توفير الحماية الكافية للمعطيات الشخصية لأن ثورة المعلومات الهائلة والتطرو التكنولوجي لا يمكن الالمام بها من جميع جوانبها خاصة وأن الحماية التشريعية قد تمثّل في بعض الأحيان حاجزا يحول دون الوصول إلى المعلومة أو الاستخدام الأمثل لشبكات التواصل باعتبار أنّ من حق كل فرد الحصول على المعلومة التي يبحث عنها وهو ما يطرح الخيار امام المستخدم بين حماية نفسه من مخاطر التكنولوجيا والابحار في عالم افتراضي مفتوح ينطوي على جميع أنواع المخاطر.
في المقابل يسعى شقّ آخر لتدعيم شرعية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي باعتبار ضرورة وجود قواتين تحمي بصفة كلية المعطيات الشخصية والحياة الخاصة في هذا المجال خاصّة في ظل تطوّر الجريمة السيبرنية التي أصبحت آثارها تمتدّ إلى الواقعوتتكاثر يوما بعد يوم .
وتعد الجرائم المتعلقة بالمعطيات الشخصية من أهم الجرائم التي تمسّ الفرد في ذاته نظرا لطابعها اللا مادي مما يسهّل عملية ارتكابها سواء بصفة مباشرة أو خير مباشرة.
فهناك جرئم المعطيات الشخصية التي يكون فيها الجاني معروفا ويكون ظاهرا للمجني عليه، وقد شهد العالم في الآونة الأخيرة تزايدا مطردا متّخذت أشكالا متنوعة ، اذ نجد جرائم الابتزاز وهي محاولة الحصول على مكاسب مادّية أو معنوية عن طريق الاكراه المعنوي للضحية، من خلال استغلال ما أصبح ينشره الفرد من تفاصيل حياته على شبكات التواصل الاجتماعي من أجل التهديد والابتزاز الذي يتخذ أشكالا متنوعة فهناك من يبتز قصد الحصول على المال وهناك من يبتز من أجل الحصول على المنفعة وهنا تجدر الاشارة إلى أنه وقع تنقيح القانون عدد 73 لسنة 2004 المؤرخ في 02 أوت 2004 لجريمة الاعتداء على الأخلاق الحميدة مواكبة للتقدّم السريع للوسائل التقنية من خلال اضافة فقرة تنص على نفس العقوبات لكل من اعتدى علنا إلى وجود فرصة لارتكاب فجور وذلك بكتابات أو تسجيلات أو ارساليات سمعية أو بصرية أو الكترونية أو ضوئية.
وتجدر الاشار إلى أن جريمة الابتزاز قد يترتب عنها جريمة التحرش في حالة قيام الجاني بحفظ صور أو فيديوهات سواء حقيقية أو مفبركة لحملها على ربط علاقات حميمية أو غيرها من الرغبات أو تهديدها بنشرها على شبكات التواصل باعتبار أن التحرش يمكن اعتباره كل من أصر على مضايقة الغير بتكرار أفعال وأقوال أو اشارات من شأنها أن تنال من كرامته أو تخدش حياءه وذلك بغاية حمله للاستجابة إلى رغباته أو رغبات غيره الجنسية أو بممارسة ضغوط عليه من شأنها اضعاف إرادته على التصدي لتلك الرغبات.
ولكن رغم جهود المشرع التونسي فإنه يبقى قاصرا على استيعاب كل الأشكال المتطرفة للابتزاز .
ومن الجرائم التي حاول المشرع التونسي ومكافحتها والتصدي لها نذكر جرائم الاعتداء على الحق في الصورة خاصة وأن التلاعب بالصورة أصبح على نطاق واسع رغم أن الصورة هو حق استئثاري يخوّل للصاحبه كيفيىة استعماله ويخول له الحق في الاعتراض على تداولها ونشرها. ولكن المشرع التونسي لم يوردها بنص خاص.
وانما عمل على التصدي إلى جرائم أكثر خطورة وهي الجرائم الغير مباشرة التي يعمد فيها الجاني الذي يكون عادة على قدر من الدهاء والمعرفة في المجال المعلوماتي إلى قرصنة الحسابات الشخصية لدوافع مختلفة والجدير بالذكر أن القوانين والتشريعات لم تقدم الحماية الكافية من القرصنة للحياة الشخصية التي قد تأخذ شكلا آخر يتمثّل في الافشاء الغير مشروع للبيانات الاسمية أي نشر أو فضح بيانات لشخص دون علمه ودون الالتزام بالضوابط القانونية وتتحقق هذه الجريمة من خلال المصدر المتحصل على هذه المعطيات التي يمكن أن تكون عن طريق جمع المعطيات أو الاختراق أو السرقة …ويتحقق الركن المادي لهذه الجريمة من خلال فعل الافشاء أي أن يقوم الجاني بايصال تلك المعلومات لشخص غير المعني بالأمر مع وجوب توفر الركن القصدي الذي يقتضي توفر عنصري العلم والارادة لاحداث النتيجة المرجوة من ارتكاب الركن المادي .